ليس هناك شىء يسمى الحرية وأكثرنا حرية هو عبد للمبادىء التى يؤمن بها وللغرض الذى يسعى اليه . اننا نطالب بالحرية لنضعها فى خدمة أغراضنا . وقبل أن تطالب بحريتك , أسأل نفسك لأى غرض ستهبها ! .
هكذا بدأ فيلم أنا حرة عن رواية تحمل نفس الاسم لأحسان عبد القدوس بمقدمة تعرض مفهوم الكاتب وما سيعرضه الفيلم عن الحرية .
أمينة فتاة متمردة تعيش فى بيت خالتها , ترفض القيم والتقاليد البالية والتى تقيد حريتها . تقيد مفهومها للحرية الذى اختلف تدريجياً مع تراكم الخبرات وتقدمها فى العمر نسبياً الى أن تصل الى مفهوم ما غائى فى ذاته عن الحرية بنهاية سعيدة مع عباس الصحفى المناضل ضد الاستعمار وبداية عهد ثورى جديد بدأ فى 23 يوليو 1952 .
بدأت أمينة ترى الحرية وهى فى مرحلة الشهادة التوجيهية " الثانوية العامة " بأنها انتزاع الحق من خالتها وزوج خالتها لامتلاك مزيد من الوقت للمرح والتسكع مع أصدقاء مختلفين يعكسون قيم مدنية متحررة على العكس من قيم منطقة العباسية التقليدية المتخلفة , تستطيع بعد صراعات عديدة أن تنتزع ذلك الحق بعد تراجع الطرف المسيطر نسبياَ عن التدخل المباشر وبمساعدة دائمة غير مباشرة من الوالد الغائب دائما لظروف عمله .
لكنها تنتقل الى مرحلة أخرى بعد نقاش يدور بشكل متكرر مع أنا عليا تخاطبها , تمثل الغائية التى عرض بها مفهوم الحرية . لتتحول أمينة الى شخص مختلف من خلال القراءة والاطلاع , فتدرك أهمية المذاكرة وتحصيل أعلى الدرجات لأن لديها الأن هدف اسمى للحرية , وهو استكمال المراحل التعليمية الى التعليم الجامعى للحصول على شهادة البكالوريوس لتصبح قادرة على الاعتماد على نفسها ولا تضطر أبداً للزواج بحيث تكون عالة على الرجل .
هنا تظهر شخصية المهندس المثقف الذى يبهرها باطلاعه وحبه للقراءة لكنها تمتعض من أفكاره الرجعية فيما يخص مؤسسة الزواج , فهو وان كان يقرأ لم تتجاوز أفكاره حدود أوراق الكتب لتستحيل فعلا فى الواقع . رفضت أمينة الزواج بشدة وقررت أنها لابد لها أن تعمل , وهنا كان الصدام الأخير مع زوج خالتها الذى رفض تحمل مسئوليتها ليحل والدها الغائب الأزمة ويطلب منها القدوم للعيش معه , وترك لها مساحة الحرية الكاملة فى أن تكون سيدة المنزل وأن تبدأ فى البحث عن وظيفة بعد التخرج . بالفعل عملت فى شركة بترول واستطاعت بمرتبها الذى تجاوز ما كان يكسبه أبوها وزوج خالتها أن تحقق ذاتها وأن تشعر بالمساواة , لكن دخلت فى أزمة حيرة واكتئاب . فمازالت تشعر أن شىء ما ينقصها , كان والدها يخبرها دائما أنه الزواج . كانت أمينة ترفض تلك الفكرة تماماَ , ومن ناحية أخرى دار حديث بينها وبين تلك الأنا العليا التى تمثل تلك القيم العليا التى يطرحها الكاتب , كان الحديث يشير الى عبودية العمل وأن وقتها ملك الشركة وأنها ليست حرة تماما . بالصدفة التقت عباس , ابن حى العباسية المتعلم والمثقف والذى أصبح صحفياً بارزاً معروف بكتاباته ضد النظام الملكى الفاسد وضد الاستعمار , أعجبت بعباس . تراجعت نسبياً عن عديد من أفكارها , فى مشهد استسلمت للتقاليد نفسها وسمحت لنفسها بأن تساعد عباس فى خلع حذائه , شعرت بالحب وبحاجتها لوجود عباس فى حياتها .
عباس صاحب المبدأ الواضح , " الحرية ليست غاية وانما هى وسيلة " ظل يكرر عليها تلك العبارة , لكن لم يحدث تحول فى شخصيتها الا بالارتباط المتوقع بقضية أكبر , بهدف اسمى .
ساعدت أمينة عباس وزملاؤه فى طبع منشورات ضد الاحتلال والسراى , بينما تم القبض عليها وهى تشعر أن قيمة الحرية صار لها مضموناً أكبر وأعمق الأن , وتوجه اعتذار لزوج خالتها عن كل محاولاتها للتمرد , هى استسلمت بشكل أو بأخر لكن فى اطار مضمون أعمق وبشائر ثورة بعد قرانها بيومين كما سجل المأذون الشرعى ذلك فى دفتره , 20 يوليو 1952 زواج أمينة وعباس .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.