الخميس، 7 أبريل 2016

فـاشيون مغفلون ...


تناسى السيد حامد عبد الصمد فى حلقاته الأخيرة من برنامجه صندوق الأسلام التى خصصها للتأصيل لمسألة الفاشية الاسلامية من وجهة نظره ,أو ربما غفل عن حقيقة أن الأسلام ليس فقط قد جرد من خطابه الثورى وانما صارت قيم الجهاد والفداء رأس حربه توجه لصدور المسلمين أنفسهم , وبينما تظهر دعاوى المشروع الاسلامى أنه مشروع وحدوى يتجاوز نطاق القوميات , كانت نتيجة عمل التيارات الدينية أكثر فظاعة وأعمق أثراً مما خطه السيدين سايكس وبيكو بما يخدم مصالح الجمهورية الامبريالية الفرنسية وبريطانيا العظمى الامبريالية .
فى حين أن دعاوى الفاشية والرغبة فى السيطرة على العالم لا تخرج عن كونها محاولات فاشلة يروج لها مجموعة من البلهاء , وليس هتلر وموسولينى وربما بينكى وبراين بعيدين عن هذا الوصف .
هتلر مثلا انسان تافه , لكن نجح بدعم جناح من البرجوازية وبقايا الارستقراطية البروسية فى الوصول الى السلطة لمواجهة المد الشيوعى , لكن دعواه الفاشية كانت مباشرة وساذجة ومغرقة مرات فى الأسطرة , كأن يعيش الرايخ الثالث ألف عام بدلاً من ثمانمائة وخمسة وعشرين مثلا !
بينما كانت الطغمة المالية التى تدير البنوك الأمريكية أكثر ذكاءاً , فبعد وراثة دور الامبرياليات الكلاسيكية بعد الحرب صارت هيمنة الأحتكارات على العالم فى طريق مختلف , فالعالم كله تحت سيطرة الهيمنة الأمبريالية , كلنا مجرد أدوات ومنسحقين تماماً أمام قيم تقدم الينا فى كل يوم على أنها هى الحياة ذاتها , هكذا كانت وهكذا سوف تكون .
لابد مثلا من الحفاظ على معدلات مرتفعة للنمو , لماذا ؟ لا أحد يعرف تماماً , ما الفائدة التى سوف تعود على فلان الفلانى اذا علم ان الاقتصاد قد حقق نمواً مطرداً بنسبة مئوية معقولة !
فى الحقيقة لا شىء , ليس فقط لطبيعة الملكية , ولكن لأن الهدف من النمو بالاساس لن يكون الا لصالح الطبقة المترفة خوفاً من تراكم الأرباح أو بقول أخر فائض القيمة المنهوب من قوة عمل الشغيلة فى العالم , حيث اذا تراكمت الأرباح دون أن تجد محلل شرعى لقيمتها سوف تنهار وتصبح جبال الأوراق الخضراء بلا قيمة ولا معنى .
أنت فى اطار دائرة النمو تلك لست مجرد راصد , بل فى حقيقة الأمر فأر تجارب , فكل اسهامات علم النفس مثلا بدلاً من أن توجه الى فائدة الانسان واشباع حاجاته وتحقيق غايات عليا تتطور باطراد مع نمو الوعى الجمعى للبشرية , توجه تلك الاسهامات العلمية لسحق الانسان وقولبته فى دائرة مفرغة تدفعه الميول الفردية التى تحول الفرد الى شخص شره يريد اقتناء كل شىء وأى شىء , أو ربما يدعى بعض العقلانية فيميز بين رغبته فى اقتناء بعض السلع وعدم اهتمامه بأخرى . لكن فى النهاية هو مستهلك , تتم دراسة جميع جوانبه النفسية لدفعه للشراء وللحفاظ عليه كمحلل شرعى لبقاء النظام من خلال الأفيون المقدم فى شكل سعادة زائفة تحققها الأعلانات , أو عن طريق الأختراق الأكثر خطورة باستخدام العلاقات الانسانية الحقيقية لأشعار المستهلك بحميمية بينه وبين موظفى الشركة وبالتالى بينه وبين السلع التى تقدمها .
ما الذى يعنيه كل ذلك ؟ هذا يعنى أننا مستعبدين تماماً حتى فى أدق تفاصيل حياتنا التى نظن أن لنا فيها حرية الاختيار , نحن نتاج تطبيقات الدراوينية الاجتماعية وهى ليست كشعارات هتلر وموسولينى عن عرق مفضل , الطبيعة أصلا غير انتقائية ولو كانت كذلك لما تركتنا أحياء حتى الأن فكيف يقدم نتاج التأقلم والتكيف فى البيئة على انه اختيار واع من الطبيعة ! الأنسان فى الحقيقة هو من نظر للقتل ووضع له قوانين وتشريعات وليست الطبيعة , فالطبيعة وفرت كل شىء وما كان على الانسان الا استخدام عقله للافادة من الموارد وليس تدمير الطبيعة وقتل غيره من البشر .
أما المسلمون فلو كانوا اليوم فاشيون , فهم حقاً مجموعة من البلهاء الذين تتلاعب بهم الامبريالية لتحقيق مزيد من تراكم الأرباح , هم فاشيون كلاسيكيون مغفلون لأنهم لم يتعلموا من وول ستريت أصول الفاشية الحق التى أشترت بالمناسبة ذمة الجميع .

وليد سامى واصل


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.